هل من الممكن أن أُسامح جميع من أخطأ في حقي، حتى لو لم يتب الشخص من الذنب
السؤال : هل من الممكن أن أُسامح جميع من أخطأ في حقي، حتى لو لم يتب الشخص من الذنب، واستمر بعضهم في الإضرار بي؟ وهل يمكن أن أُسامح من أخذ مني مالًا ولم يرده، وأُطالبه بالمال في الوقت نفسه مع مسامحتي له؟

تصوير Shoftwavy Lines-shutterstock
الإجابة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن منزلة العفو عظيمة، وهي أفضل للمظلوم، إلا في بعض المواطن التي يكون فيها عدم العفو أفضل لعارضٍ يترتب على العفو -كاستطالة الظالم، وإصراره على الظلم-، فإن محاسبته وأخذ الحق منه -والحالة هذه- أفضل.
جاء في تفسير القرطبي: قوله تعالى: والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون. يدل ظاهره على أن الانتصار في هذا الموضع أفضل، ألا ترى أنه قرنه إلى ذكر الاستجابة لله سبحانه وتعالى، وإقام الصلاة، وهو محمول على ما ذكر إبراهيم النخعي: أنهم كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم، فتجترئ عليهم الفساق، فهذا فيمن تعدى وأصرّ على ذلك.
والموضع المأمور فيه بالعفو إذا كان الجاني نادمًا مقلعًا. وقد قال عقيب هذه الآية: "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل". ويقتضي ذلك إباحة الانتصار لا الأمر به، وقد عقبه بقوله: "ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور". وهو محمول على الغفران عن غير المصرّ، فأما المصرّ على البغي والظلم، فالأفضل الانتصار منه بدلالة الآية التي قبلها. اهـ. وراجع المزيد في الفتوى: 370027.
فيجوز لك أن تعفو عمن ظلموك، وإن لم يتوبوا مما وقعوا فيه من ظلمك، أو ظلم غيرك، لكن عفوك عمّن ظلمك لا يسقط عنه وجوب التوبة، فإن التوبة من الذنب حق لله تعالى بالندم على فعله، وحق الآدمي الذي وقع عليه الظلم.
قال ابن القيم في مدارج السالكين: قوله صلى الله عليه وسلم: «من كان لأخيه عنده مظلمة - من مال أو عرض - فليتحلله اليوم». قالوا: ولأن في هذه الجناية حقين: حقًا لله، وحقًا للآدمي، فالتوبة منها بتحلل الآدمي لأجل حقه، والندم فيما بينه وبين الله لأجل حقه. اهـ.
وفي مختصر منهاج القاصدين: وأمّا كفارة الغيبة، فاعلم أن المغتاب قد جنى جنايتين:
إحداهما: على حق الله تعالى، إذ فعل ما نهاه عنه، فكفارة ذلك التوبة والندم.
والجناية الثانية: على محارم المخلوق، فإن كانت الغيبة قد بلغت الرجل، جاء إليه واستحله، وأظهر له الندم على فعله. اهـ.
وأما قولك: هل يمكن أن أُسامح من أخذ مني مالًا ولم يرده، وأُطالبه بالمال في الوقت نفسه مع مسامحتي له؟
فالجواب: أن لك عليه حقين:
أحدهما: حرمانك من الانتفاع بمالك، ومنعك منه فترة استحواذه عليه.
وثانيهما: المال نفسه، فيجوز أن تعفو عنهما، كما يجوز أن تعفو عن أحدهما دون الآخر، فإذا عفوت عمّا لحق بك من أذى نفسي -مثلاً- وعن حقك في الانتفاع بمالك، فلا يعني ذلك أنك عفوت عنه وأبرأته من مالك، لكن إذا كنت عفوت عن المال، وإبرأته منه، فلا يحق لك أن تطالب به بعد أن أبرأته منه، والله أعلم.
من هنا وهناك
-
أحكام الوصية لأحد الأولاد، وهبة شيء من الأملاك لبعضهم دون بعض
-
تقيؤ الرضيع اللبن لا يمنع التحريم، والمعتبر في الرضعة المشبعة
-
حكم قبول الموظف الهبة إذا كانت تعويضا عن ضرر أصابه
-
حكم من ضمن لفظ الطلاق في كلامه ولم ينوِ إيقاعه
-
المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية يصدر فتوى حول حكم رفع إيجارات العقارات أضعافًا مضاعفة في ظل حاجة الناس إليها
-
حكم قبول الموظف الهبة إذا كانت تعويضا عن ضرر أصابه
-
المرجع في تحديد قيمة البيت الذي يُراد شراؤه وسداد ثمنه
-
حكم الغرامة على عمليات الشراء المرفوضة بسبب عدم توفر رصيد في البطاقة
-
أحكام شراء منزل كان يطلق عليه قديما (بيت الوقف) وكيفية التصرف فيه
-
تفنيد قول من يقول: إن الدعاء مستجاب عند قبور الأنبياء والصالحين





أرسل خبرا