بلدان
فئات

19.10.2025

°
11:30
مقتل شاب في عرابة
11:18
تلفزيون: أردوغان سيحضر قمة شرم الشيخ للسلام
10:27
إجراءات استثنائية في مطار بن غوريون غدا الاثنين تزامنًا مع زيارة ترامب
09:49
مصدر مقرّب يكشف: بشار الأسد في موسكو يُدمن ألعاب الفيديو وزوجته بحالة حرجة
08:52
النفط عند أدنى مستوى في 5 شهور بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جديدة على الصين
07:42
مصادر لبنانية: شهيد بغارة اسرائيلية على جنوب لبنان - الجيش الاسرائيلي: قضينا على أحد عناصر حزب الله
07:42
الشرطة تستخدم الغاز المسيل للدموع وسط احتجاجات خلال مباراة النرويج وإسرائيل
07:41
حالة الطقس: انخفاض طفيف وفرصة مهيأة لهطول أمطار خفيفة متفرقة
07:31
القيادي في حماس أسامة حمدان: إطلاق سراح الرهائن سيبدأ صباح الاثنين
07:30
السفارة القطرية: مصرع 3 دبلوماسيين في حادث سيارة قرب شرم الشيخ في مصر
23:50
دقيقة حداد على روح اللاعب القدير عنان عبد القادر في مباراة هبوعيل الطيبة وفريق كفر قرع
23:47
مصر تستضيف قمة يحضرها ترامب في شرم الشيخ بشأن اتفاق إنهاء حرب غزة
23:11
اتحاد ابناء باقة يسجل فوزا بيتيا على ابناء الكبابير
22:40
الجيش الاسرائيلي: اعتقال مشتبهيْن حاولا تنفيذ عملية تهريب في منطقة الحدود مع مصر
22:27
عمليات انعاش لشاب اثر تعرضه لاطلاق نار في نوف هجليل
21:17
فيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة تجتاح في شرق المكسيك
20:41
إطلاق المبادرة المجتمعية القُطرية ‘إحنا، مش أنا‘ في عكا
20:31
التعليم العالي الفلسطيني وصندوق الأمم المتحدة للسكان يوقعان اتفاقية لتنفيذ مشروع تعزيز الصحة العامة وصحة الأسرة
19:55
بسبب زيارة ترامب: إلغاء رحلات وتغييرات في مواعيد الإقلاع في مطار بن غوريون يوم الاثنين
19:55
الشرطة: احباط عدة محاولات لسرقة مركبات في منطقة القدس واعتقال مشتبهين
أسعار العملات
دينار اردني 4.59
جنيه مصري 0.07
ج. استرليني 4.33
فرنك سويسري 4.04
كيتر سويدي 0.34
يورو 3.77
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.32
كيتر دنماركي 0.5
دولار كندي 2.32
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.13
دولار امريكي 3.25
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2025-10-12
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.31
دينار أردني / شيكل 4.66
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 3.83
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4.11
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.81
اخر تحديث 2025-10-08
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
كوكتيل
مقالات
حالة الطقس

إسرائيل: أسئلة آنيّة خطيرة وإجابات مستقبليّة حلوُها مرّ | بقلم: المحامي زكي كمال

29-08-2025 06:59:19 اخر تحديث: 29-08-2025 10:29:00

قبل أن تنتهي الحرب الحاليّة في غزة، وحتى قبل أن يصبح الحديث عن نهايتها حديثًا له قيمته ورصانته، خاصّة على ضوء مراوحة المفاوضات حول صفقة، أو اتفاق لتبادل المختطفين الإسرائيليّين كلهم،

المحامي زكي كمال - تصوير: قناة هلا وموقع بانيت

كما يريد رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو اليوم، علنًا على الأقل، أو بعضهم كما أراد نتنياهو نفسه قبل أسابيع، خاصّة ونحن نقف عشية حملة عسكريّة جديدة ستطال المنطقة الوسطى من القطاع وخاصّة مدينة غزة. ويسود الخلاف حول تسميتها، عربات جدعون 2 أو القبضة الحديدية كما يريد نتنياهو، فإن استمرارها سواء كان لأشهر، كما أعلن قادة الجيش، أو لعقود كما قال المتحدث السابق بلسان الخارجيّة الأمريكيّة ماثيو ميلر نقلًا عن نتنياهو الذي أبلغهم أنه سيواصل الحرب على غزة لـعقود قادمة، ولذلك عمل على عرقلة الصفقة مع "حماس" أكثر من مرّة، وقبل الوصول إلى تشكيل لجنة تحقيق رسميّة في ملابساتها وهو ما لا يريده نتنياهو، فإنها دون شكّ حرب ستشكّل مادّة دراسيّة ضخمة وغنيّة للمؤرخين، أو المختصّين بالعلوم السياسيّة، الذين سيجدون أنفسهم أمام أسئلة محيّرة تتعلّق بإسرائيل بعد السابع من أكتوبر 2023، وخاصّة في العام 2024 وكذلك العام 2025، تتمحور كلها حول الدوافع الحقيقيّة لاستمرار الحرب لمدّة عامين. وأقصد هنا وبوضوح تامّ السؤال، لماذا احتاجت إسرائيل إلى عامين وربما أعوام من الحرب، لتحقيق أهدافها المعلنة وأولها إخضاع حركة "حماس"، وهي عدو يعتبر الأقلّ قوة وعددًا وعتادًا من بين الأعداء الذين اعتاد نتنياهو وحكومته وصفهم بأنه تتمّ محاربتهم على سبع جهات هي إيران واليمن وغزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية والعراق، مع الإشارة إلى أن هناك في ائتلاف نتنياهو بالغ بقوله ثماني جبهات مضيفًا إلى السبع سابقة الذكر معارضي الحرب وبعض أعضاء الكنيست العرب، تمامًا كما هي الآن بالنسبة للمحلّلين السياسيّين والعسكريّين، وتحديدًا هل كانت هناك حاجة عملياتيّة، أو عسكريّة لاستمرار الحرب وهل كانت القرارات التي تمّ اتّخاذها خاصّة من رئيس الحكومة والمتعلّقة بالحرب واستبدال وزير الأمن ورئيس هيئة الأركان ورئيس الشاباك وغيرها، وتلك المتعلّقة بالرهائن والمختطفين وعرقلة الصفقات وتعطيلها، وكذلك تلك المتعلّقة بقضيّة المساعدات الإنسانيّة والمدن الإنسانيّة وغيرها وصولًا إلى قرارات الأمم المتحدة بوجود مجاعة في غزة ومواقف دول العالم التي انتقلت من الدعم التامّ لإسرائيل في بداية الحرب إلى انتقادها واتهامها بارتكاب أعمال قد تصل حدّ جرائم الحرب واعتراف دول أوروبيّة بدولة فلسطين، ومنع بعضها سياسيّين إسرائيليّين من دخولها، قرارات مبرّرة سياسيًّا، أو قرارات تم اتّخاذها بعد تفكير وتمحيص بما في ذلك فحص جوانبها المتعلّقة بالربح والخسارة، أو تلك المتعلّقة بتفضيل الإيجابيّات على المدى البعيد على إيجابيّات قصيرة المدى قد تكون مجرّد إرضاء لغرور أو ردّ على مسّ ما أو إهانة، أو رغبة في الانتقام وردّ الصاع صاعين. وباختصار سيسأل المؤرّخون أنفسهم سؤالًا واحدًا وهو: ماذا حدث ولماذا كانت قرارات إسرائيل على هذه الشاكلة وما أسباب ذلك، وفوق كلّ ذلك سؤال هامّ، وهو لماذا تمّ اتّخاذ قرارات أدرك متّخذوها مسبقًا أنها ستلحق الضرر السياسيّ والدبلوماسيّ واللحمة الجماهيريّة والسلام الداخليّ، والاقتصاديّ العالميّ وكذلك على الصعيد الإقليميّ والعالميّ. وقبل كل ذلك أنها لا تحظى حتى بأغلبيّة داخليّة. وهي ضرورة ماسّة وملحّة خاصّة خلال الحرب.

البقاء في السلطة هي الحماية للقائد
هذا هو السؤال الذي سيقف أمامه المؤرّخون، بعضهم في حيرة وآخرون أمام صدمة خاصّة حين يتضح بأن الشأن الخاصّ أهمّ من الشأن العامّ، أو بكلمات أخرى البقاء في السلطة هي الحماية للقائد ورغم القول إن التاريخ يعيد نفسه مرّتين الأولى كمأساة والثانية كمهزلة، أن تؤكّد عدم صحة هذا القول رغم أن التاريخ يعيد نفسه أمامها ومعها، أو بما يتعلّق بحرب خاضتها إسرائيل مع "حماس" خاصّة، وأن تحاول كتابة التاريخ من جديد، رغم إدراكها واستنادًا إلى عبر التاريخ أن القضاء على حركة دينيّة جهاديّة مسلّحة هو ضرب من الخيال، والقاعدة وطالبان وداعش خير مثال، لكن حكومة إسرائيل الحاليّة تريد إثبات عكس ذلك، عبر ترويج هدف من أهداف الحرب تحت شعار إبادة "حماس" دون تحديد ما يعنيه ذلك، خاصّة وأنها هي نفسها من كانت قد أعلنت أن عدد مسلحي "حماس" يتراوح بين 25 ألفًا و30 ألفًا، أما عدد القتلى في غزة اليوم فيقارب70 ألفًا إذا أضفنا إليهم المفقودين من الغزيّين، ورغم ذلك ما زالت "حماس" تفاوض وربما تقاتل وتوقع القتلى في صفوف الجنود الإسرائيليّين، وهي (الحكومة) تقرّر مواصلة الحرب رغم إعلان القادة العسكريين أنها حقّقت أهدافها، وتفاوض حول صفقات لإعادة المختطفين وتماطل رغم إعلان رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيليّ الجنرال ايا ل زمير، أن حملة "عربات جدعون" قد وفّرت الظروف والشروط المناسبة للصفقة، وأنه على رئيس الوزراء قبولها. وتقرّر مواصلة الحرب رغم التسونامي الدبلوماسّي العالميّ والعزلة السياسيّة والاقتصاديّة الدوليّة المتمثّلة بالاعتراف بدولة فلسطين ووقف الاستثمارات والمقاطعة العسكريّة والمظاهرات العارمة المناوئة في معظم أنحاء أوروبا وكذلك في مدن عديدة في أمريكا، ما يزيد من حدّة السؤال حول ما يدفع إسرائيل إلى اتّخاذ هذه القرارات والخطوات، رغم معرفتها بضررها المتراكم ونتائجها السلبيّة خاصّة على المدى البعيد، رغم كون بعضها يشبع "غرور الأنا القوميّ وربما الدينيّ"، وبالتالي ربما حتى نتجنّب الخوض في الجانب السياسّي الضيّق للقضيّة، والبحث في الأسباب الممكنة وتلك الحقيقيّة لاتّخاذ هذه القرارات. وهو نقاش تجوز فيه التفسيرات والتأويلات، تجدر العودة إلى العوامل النفسيّة التي تدفع أو أحيانًا تجبر الناس وبضمنهم القادة على اتّخاذ قرارات يدركون أنّها ستضرّهم وهي عوامل متداخلة نفسيّة واجتماعيّة وسياسيّة وشخصيّة. ومن هذه الأسباب وفق الدراسات العلميّة، الخوف من المجهول أو الخسارة، والعواطف المؤثّرة مثل الغضب والرغبة في إثبات شيء ما، إضافة إلى الضغوطات الخارجيّة، والخطأ في تقييم المخاطر، وهو ما يدفع إلى اتّخاذ قرارات معيّنة تبدو أكثر قبولًا أو أكثر سهولةً، أو أنها تثير الراحة والرضى على المدى القصير، مع التأكيد على أن الخوف من الاعتراف بالفشل، يدفع القادة إلى اتخاذ قرارات نتيجتها تفضيل الخسارة المحتملة رغم معر فتها. وإضافة إلى ذلك هناك قضية وتأثير ودور العواطف في اتّخاذ قرارات دون تفكير في العواقب، واتّخاذ القرارات بدافع العادة أي تكرار الردود المعتادة واتخاذها تلقائيًّا دون تفكير معمّق، والتركيز على النتائج القريبة وتجاهل الآثار السلبيّة طويلة المدى للقرار، مع الأخذ بعين الاعتبار تأثير الظروف المحيطة بالشخص، سواء كانت نفسيّة أو اجتماعيّة أو اقتصاديّة، بشكل كبير على قراراته، ممّا قد يدفعه لاتخاذ قرارات بناءً على ضغط من المحيطين به، دون أن يضطر إلى تقييم المخاطر بشكل دقيق، والتفكير في العواقب طويلة المدى، وموازنة الفوائد مقابل الخسائر.

لا أبالغ إذ جزمت اليوم أن المؤرّخين سيقفون أمام لغز محيّر سيضطرّهم إلى محاولة البحث عن تفسير منطقيّ ومقبول أو مفهوم لما حدث لدولة إسرائيل بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، وتحديدًا التغيير الذي شهدته البلاد والتي كانت مزدهرة وناجحة وعقلانيّة لحدّ ما وديمقراطية، قراراتها وخطواتها، وإن دار الخلاف والاختلاف حولها كانت منطقيّة ومفهومة، تتمّ عن دراسة تأخذ بعين الاعتبار الأسباب والمجريات وتحسب حسابًا للنتائج القريبة منها والبعيدة، وتحاول بالتالي إنهاء حروبها بسرعة، بل بأقصى سرعة ممكنة وتجنّب التورّط في "وحل لبنان" أو حرب العصابات ضد جماعة مسلّحة ودينيّة، والسعي إلى سلام واغتنام أول فرص لهدنة، أو وقف لإطلاق النار ليس من باب الضعف، أو الخوف، بل إدراكًا أن المواصلة لن تعود بفائدة أكبر، ووقف إطلاق النار بعد حرب الأيام الستة، واتفاقيّة كامب ديفيد وقصف المفاعل الذريّ في العراق والانسحاب من قطاع غزة والسلام مع مصر والأردن دليل، بل أدلة على ذلك. لكنّها تحوّلت إلى دولة تتّخذ فيها قرارات رغم الفهم أنها ستضرّ بالمصلحة العامّة، ومنها مواصلة العمليّة العسكريّة رغم تحذير الجميع أنها قد تؤدي، وهي أدت في السابق، إلى قتل الرهائن والمخطوفين، أو تكرار نفس الخطوات مرّة تلو الأخرى وفي نفس المنطقة، ومنها اجتياح مدن ومناطق في غزة للمرة الثانية والثالثة والرابعة رغم عدم وجود أي مبرّر عملياتيّ، ورفض لصفقات مقترحة تضمن إعادة مخطوفين أحياء والإصرار على إعادتهم جميعًا رغم الخطر المترتّب على ذلك، ورفض إنهاء الحرب أو حتى الحديث عن ثمن ذلك وشروطه، ورفض البحث في المستقبل ( ما بعد الحرب) بخلاف ما أنهى الحرب مع إيران، التي يتفق الجميع على أنها العدو الوحيد الذي يشكّل تهديدًا حقيقيًّا لإسرائيل، ورغم ذلك اختارت حكومة إسرائيل إنهاء الحرب معها بعد 12 يومًا، دون استسلام إيران أو تدميرها، أو نزع أسلحتها، أو تخلّيها عن مشروع الصواريخ بعيدة المدى (البالستيّة) وعن مطامحها ومطامعها النوويّة والإقليميّة، تدميرها أو تخلّيها عن برنامجها، بل لأن حكومة إسرائيل فهمت وأدركت أن مزيدًا من القوة لن يفيد، وأن الخسارة كبيرة، وهو ما حدث في المواجهة مع "حزب الله" وهو طرف أقوى وأخطر من "حماس"، وأكثر عدّةً وعتادًا، ورغم ذلك أوقفت إسرائيل المواجهة معه منذ تسعة أشهر، دون أن تعتبر إبادته وإبعاده عن مواقع التأثير السياسيّ واحدًا من أهداف الحرب. ومن هنا جاء ذكري للدوافع النفسيّة والاجتماعيّة (الضغط الاجتماعيّ وربما الأُسريّ والعائليّ) لاتخاذ القرارات ، والإشارة إلى البحث عمّا إذا كان هنالك عامل نفسيّ فيها أو تدخّلات وعوامل خارجيّة، وانسياق وراء غيبيّات دينيّة وعقائديّة، أو مواقف غير عقلانيّة، ربما تفسّرها المصطلحات التي تستخدمها الحكومة هنا منذ بداية الحرب، ومنها "إبادة العماليق" وحتى حديث نتنياهو الأخير عن أنه يحمل على عاتقه مهمّة تاريخيّة وهي إقامة إسرائيل في حدودها الدينيّة، وهي تضمّ دولًا عربيّة من النيل إلى الفرات، ورغم ذلك قد يفشل المؤرّخون في فهم حقيقة أن إسرائيل، ورغم مضي عامين تقريبًا من القتال، وبعد أن ألحقت بحركة "حماس" وبقطاع غزة كلّه دون استثناء أكبر هزيمة وخسائر بشريّة وماديّة على الإطلاق، تصرّ على مواصلة الحرب دون اكتراث بالعزلة الدوليّة وانهيار الاقتصاد وغلاء المعيشة وتكاليف الحرب، وازدياد مظاهر العداء لليهود في شتى أنحاء العالم وقرارات اعتقال القادة السياسيّين والجنود في عدد من الدول، ودون اكتراث لحياة جنود ومدنييّن إسرائيليين تحتجزهم "حماس"، ودون حساب عدد القتلى من الجنود والذي يقدر بالمئات إذا تواصلت الحرب وتم اجتياح مدينة غزة بأنفاقها ومواقعها المختلفة. والاستنتاج واضح لي وهو واحد مفاده أن إسرائيل الحاليّة وتحديدًا حكومتها تناست أو نسيت ولأسباب وغايات في نفس يعقوب، الدروس التاريخيّة وكيفيّة اتخاذ القرارات خلال الأزمات كما تناست أنها لن تطبق هذه العبر والدروس في غزة قبل الحرب، بل جعلت من غزة منطقة تعاملت معها، بقرار من رئيس وزرائها، بشكل مغاير ومختلف، عبر خطوات غير مفهومة اليوم منها العمل على نقل عشرات ملايين الدولارات إلى غزة شهريًّا من قطر، والامتناع عن تصفية قادة "حماس" بعكس ما حدث في الضفة الغربيّة، وتزويد القطاع وكما كشفت التقارير بكميّات غير مسبوقة من الإسمنت وموادّ البناء تم استخدامها لبناء الأنفاق، واستمرار التمسّك بالعلاقة مع قطر، بل تعزيزها رغم أنها المموّل والداعم الأول ماليًّا وعسكريًّا لحركة "حماس"، وليس ذلك فحسب بل الحامي الأوّل إعلاميًّا لها ولحركة الإخوان المسلمين عبر قناة "الجزيرة" ودورها المعروف خلال الربيع العربيّ، ودعمها للإخوان المسلمين في مصر وغيرها، وليس ذلك فحسب بل منحها موطئ قدم في ديوان رئيس الوزراء عبر تشغيل معاونيه ومساعديه كدعائيّين ومسوّقين لمواقف قطر خلال مونديال 2022 وبعده وحتى خلال الحرب، دون أن يعتبر رئيس الوزراء أن ذلك يضرّ بإسرائيل، وكلّها أمور يقول كثيرون إنها جعلت من نقاط قوة إسرائيل عيوبًا وحوَّلت ضعف "حماس" إلى قوة وصولًا إلى يومنا هذا وقرار مواصلة الحرب الذي يهدد بإغراق إسرائيل في مستنقع غزة، رغم إنه من المفروض أن تكون مواجهة "حماس" وطوبوغرافيّة غزة أمرًا يسهِّل إخضاعها ، مقارنة مثلًا مع جنوب لبنان الجبليّ والغنيّ بالغابات، فغزة مستوية ومعزولة وحدودها مع إسرائيل أقصر، وتخضع لسيطرة عسكريّة إسرائيليّة حولها وسيطرة جويّة وبحريّة وبريّة تامّة.

اعتبار البقاء في السلطة والمنصب الهدف الأسمى
الأسئلة التي تنتظر المؤرّخين كثيرة وطويلة، تتعدّى الجانبين النفسيّ والسياسيّ، خاصّة وأن من يتخذ القرارات السياسية في العقدين الأخيرين هو الشخص ذاته، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لم يتغيّر، فلماذا وكيف تغيّرت اعتباراته فهو الذي حاول قدر إمكانه الامتناع عن مواجهات عسكريّة والامتناع عن المسّ بقادة "حماس" وهو الذي أطلق في أكتوبر عام 2011 سراح 1027 سجينًا أمنيًّا فلسطينيًّا بينهم يحيى السنوار مقابل جنديّ مختطف واحد هو غلعاد شاليط، وفي فترة قريبة من الانتخابات البرلمانيّة. وهو الذي وافق في بداية الحرب الحاليّة على صفقات تم بموجبها إعادة مختطفين وجثامين مقابل إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيّين وسط ترحاب جماهيريّ عارم، ورغم المعارضة السياسية لاثنين من كبار وزرائه هما إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين قد يعتبرهما البعض الإجابة عن بعض الأسئلة المتعلّقة بمواقف الحكومة الحاليّة، لكنهما يثيران في نفس الوقت أسئلة أكثر تتعلّق بالتغييرات التي على المؤرّخين بحثها والتي أدّت إلى تحويل اثنين ممّن كانوا خارج الحلبة السياسيّة، بل شخصيات غير مرغوبة سياسيًّا لتطرّفهما الدينيّ والسياسيّ ومواقفهما الخلاصيّة، من موقع الإقصاء إلى مواقع اتخاذ القرار. وبالتالي لا بدّ من السؤال الأوسع والأشمل حول ما الذي تغيَّر ليس فقط في الأروقة السياسيّة الإسرائيليّة. وهي أروقة لم تتّسم ولم تمتاز في العقود الأخيرة بالنقاء الأيديولوجيّ والحزبيّ ونقاء اليدين والشفافية، بل كان السائد فيها ملامح واضحة للانتهازيّة السياسيّة وتفضيل المصلحة الضيّقة، بل الحزبيّة وحتى الشخصيّة والعائليّة على تلك العامّة، واعتبار البقاء في السلطة والمنصب الهدف الأسمى بعيدًا عن نظافة اليدين، وذلك عبر تصرّفات وتوجهات سمتها الفساد الإداريّ والماليّ والشخصيّ وملفات وتهم، أو شبهات جنائيّة. يتم صياغة تشريعات ليس لمكافحتها، بل لشرعنتها عبر إضعاف الجهاز القضائيّ والمستشارين القضائيّين في الوزارات، وجعلهم تعيينات سياسيّة، وإضعاف الشرطة وجعلها مطيعة للوزير وليس للقانون، وجعل البرلمان أداةً طيّعة لدى الحكومة، ما يعني إلغاء الفصل بين السلطات، وإلى ذلك تضاف قضايا المسّ بحقوق الأقليّات وحريّة التعبير وتكريس التوجهات المتطرّفة دينيًّا وسياسيًّا عبر ميزانيات لا تعدّ ولا تحصى للأحزاب الدينيّة التي لا يشارك ناخبوها في تحريك العجلة الاقتصاديّة والعلميّة والتعليميّة وحتى العسكريّة، بل يعتمدون على مخصّصات من الدولة وأموال ائتلافيّة لأحزابهم التي تردّ بالولاء لحكومة اليمين ورئيسها تبقيهم خارج إطار سوق العمل والتجنيد العسكريّ بكل ما يعنيه ذلك من حاجة إلى ميزانيّات خاصّة وزيادة في غلاء المعيشة ورفع للضرائب وغير ذلك، ممّا يمسّ بمستوى المعيشة، وصولًا إلى تسويغ كل ما يمكن لضمان بقاء السلطة اليوم كما هي، وحماية رئيس الوزراء، وبضمن ذلك السؤال الذي سيواجه المؤرّخين حول التغيير الذي طرأ على الجمهور في إسرائيل والذي كان قوة ضغط سياسية وجماهيريّة كبيرة حسبت الحكومات لها ألف حساب، وقضيّة مذبحة صبرا وشاتيلا قبل 25 سنة في لبنان، ومظاهرة الأربعمئة ألف مواطن في ساحة ملوك إسرائيل في تل أبيب احتجاجًا على المذبحة والمطالبة بلجنة تحقيق رسمية، تم تشكيلها لاحقًا، لكشف دور الجيش فيها ودور قياداته بما فيها وزير الأمن في حينه أريئيل شارون، الذي اضطرّ للاستقالة من منصبه ومنعته لجنة القاضي لندوي، الرسميّة للتحقيق من تولي منصب وزير الأمن في المستقبل، وبعدها تنحّي رئيس الوزراء مناحيم بيغن جرّاء مظاهرات يوميّة أمام منزله كان المشاركون فيها يحصون أعداد القتلى من الجنود الإسرائيليّين في لبنان، معلنًا تحمّل مسؤوليّته كرئيس للوزراء بعكس يومنا هذا الذي ترفض فيه الحكومة الاعتراف بمسؤوليّتها، بل تؤكّد رفضها لأيّ تحقيق فيها عبر لجنة تحقيق رسميّة، وتريد لجنة تحقيق حكوميّة، تضع نتائج التحقيق كما تريدها الحكومة حتى قبل بدء التحقيق الفعليّ، وصولًا إلى يومنا هذا والذي لا يرف لغالبيّة الجمهور الإسرائيليّ جفن جرّاء عشرات آلاف القتلى من المدنيّين في غزة على بعد كيلومترات من أشكلون وأشدود، وكذلك لا تحرّك أعداد الجنود القتلى والجرحى، عواطف وزراء المجلس الوزاريّ المصغّر الأمنيّ والسياسيّ، حتى أنهم قرّروا هذا الأسبوع تقليص ساعات جلستهم لتسنح لهم فرصة المشاركة في وجبة غداء احتفاليّة ينظّمها مجلس مستوطنات في الضفة الغربيّة، ويقبل الناس ذلك، بل يدافع أنصار الحكومة عنها مهما فعلت.

"الثقب الأسود"

ولن تتوقّف الأسئلة هنا حول ذلك "الثقب الأسود" الذي وجدت إسرائيل نفسها فيه بعد السابع من أكتوبر، ويبدو أن بذوره أو بعضها كانت قبل ذلك، بل ستصل الصحافة ووسائل الإعلام الإسرائيليّة العبريّة وكافّة العاملين فيها، إلا من رحم ربي، والذين خانوا الأمانة والثقة المهنيّة وتحوّلوا منذ مطلع الحرب إلى جوقة تردّد دون تفكير، بيانات الناطق بلسان الجيش دون فحصها حتى لو كانت تلك البيانات بعيدة عن أدنى حالات المنطق والعقل وحتى لو تطرّقت إلى قتل أطفال ومدنيّين وصحفيّين ببثّ مباشر، كما حصل مساء الاثنين من هذا الأسبوع عبر قصف مستشفى ناصر في خانيونس وقتل خمسة صحفيين، دون أن تقف وسائل الإعلام والإعلاميّين رافضة ما يحدث خاصّة قبولها طوعًا عدم إيفاد طواقمها لتغطية الحرب على أرض الواقع، ورفضها النظر في تقارير صحفيّة لشبكات إعلام أجنبيّة معتمدة كانت مرجعًا أساسيًّا لها خلال سنوات الحرب الأهليّة في سوريا وغيرها وتم اعتبار تقاريرها موثوقة وصحيحة، وكم بالحري أن وسائل الأعلام العبريّة هذه أصرّت ومن منطلق مسؤوليّتها المهنيّة الموضوعيّة، كما قالت، على إيفاد مراسليها وطواقمها إلى أوكرانيا مع بداية الحرب الروسيّة الأوكرانيّة، لكنها تنازلت طوعًا عن دورها هذا هنا على بعد أمتار منها. وليس ذلك فقط بل حوَّلت ستوديوهاتها إلى منصّة لمن يريد المطالبة باستمرار الحرب مهما كلّفت من ثمن، وحتى لو كان ذلك الثمن حياة المختطفين ومقتل أعداد لا تحصى من الغزيين، دون أن يقوم الصحفيّون بأدنى ما يجب من فحص للحقائق ومحاسبة للمسؤولين. وهي التي حاسبت في سبعينيّات القرن الماضي، رئيس الوزراء إسحاق رابين على حساب مصرفيّ لزوجته واضطرّته إلى الاستقالة، ورفض مراسلوها إجراء لقاءات صحفية مع مئير كهانا مؤسّس حركة "كاخ" العنصريّة، ليصبح خلفه إيتمار بن غفير ضيفًا مُرَحَّبًا به في الستوديوهات، بل أبدت استعدادًا للمساومة على المبادئ وتحوّل المراسلون والمحلّلون فيها إلى أصحاب مواقف سياسيّة واضحة تغلب على تحليلاتهم وتتحكّم فيها، وصمتوا على تحجيم حريّات زملاء لهم واعتقالهم والاعتداء عليهم، وتنازلوا عن مهمّة عرض الحقيقة واستبدلوها بمهمّة تكريس الحقيقة التي يروج السياسيّون لها. ويبدو أن الرقابة الذاتيّة التي فرضتها وسائل الإعلام على ذاتها، باستثناء صحيفة "هآرتس" التي أصبحت صوتًا صارخًا في البريّة، تعكس حالة الخوف التي اعترت وسائل الإعلام جرّاء الانقلاب القضائيّ والتشريعات المتعلّقة بهيئة البث الرسميّة ومحاولة كمّ افواه الصحف ومعاقبتها حكوميًّا بحرمانها من عوائد الإعلانات الحكوميّة والرسميّة.

هذه الأسئلة سابقة الذكر وغيرها، ومنها كيف يمكن لوزير تولّى مهمّة الحفاظ على الأمن الداخليّ، أو القوميّ أن يتجاهل مقتل مئات المواطنين من العرب في إسرائيل، دون أن يرفّ له جفن، ودون أن يحاول إيجاد حلّ لذلك، بل يعمل على تعزيز توجّهات معادية لهؤلاء المواطنين ويشارك في قمة الفرح بهدم منازلهم في النقب والجليل وغيرها من المناطق، ويرفض لقاء مندوبيهم ويطالب بإبعاد ممثليهم من البرلمان، ورميهم في سوريا باعتبارهم وفق تعريفه "يدعمون الإرهاب"، لكنه يزور في الوقت ذاته بؤرة استيطانيّة غير قانونيّة يرافقه قادة كبار في الشرطة، ويجتمع بمستوطن كان قد خضع للاعتقال الإداريّ لارتكابه أعمالًا وصفها الجيش والشاباك أنها إرهابيّة وخطيرة، ترسم صورة اعتقد بل أجزم أنه سيكون للمؤرّخين في المستقبل فهمها، أو أنها صورة ترسم سؤالًا واحدًا وهو: كيف يمكن ولماذا ، يحدث ذلك، وكيف لدولة تباهت بديمقراطيّتها وإنسانيتها وارسالها بعثات الإنقاذ إلى دول العالم المنكوبة وبناء مستشفيات ميدانيّة هناك، أن تصل إلى وضع إسرائيل اليوم، والقادم أسوأ ربما، وأن تقبل بذكاء مخترعيها وتقنياتها العالية ومؤسّساتها الأكاديميّة، أن تنجرّ صامتة وخائفة إلى كارثةٍ بهذا الحجم؟ وكيف سمحت لقيادة سياسيّة كانت في سدّة الحكم حين وقعت أكبر هجمات فتَّاكة ضد اليهود في القرن الحاليّ وبعد الكارثة النازيّة، أن تواصل التمسّك بالسلطة، بل أن يبرّر الجمهور ذلك، عبر تقديس للقائد الواحد والاستعداد للتضحية، لأن يستمرّوا في قيادتهم دون أن يدفعوا الثمن، بل إنهم يعلنون كما كان أواسط هذا الأسبوع أن الحرب سوف تتواصل حتى منتصف عام 2026، وستتحوّل غزة إلى "فيتنام إسرائيل" وأن الحرب لن تنتهي إلا عدة أشهر قبل الانتخابات البرلمانيّة القادمة، واللبيب من الإشارة يفهم!

فساد الرعية من فساد حكّامها وصلاحها من صلاحهم
خلاصة القول، الأسئلة كثيرة وحادّة، والإجابات عليها ستتنوّع بين من يعتقد أنها قضيّة أو جدليّة الحاكم والمحكوم والتي تدور حول هويّة المسؤول عن التدهور والفساد وكذلك عن الإصلاح. وفيها يجوز أمران أولهما إن فساد الرعية من فساد حكّامها وصلاحها من صلاحهم، بمعنى أن التدهور والقرارات غير المعقولة والتوجّهات الخطيرة تبدأ من الرأس، ثمّ تتغلغل الى الأسفل، فيعاني المواطنون الصالحون وأصحاب الرأي الحرّ والفكر النيِّر حينها الأمرّين عملًا بقول فولتير: "من الخطير أن تكون على حقّ عندما تكون الحكومة على خطأ"، وثانيهما أن الحاكم يتأثّر بمحيطه وبيئته فهو ابنهما، وبالتالي فإن تصرّفاته هي انعكاس لطبيعة الشعب، أو ربما استجابة لرغبات الشعب وربما خاصّة القاعدة الحزبيّة، وللحلفاء والمقربين، وكلتا الحالتين ضوء أحمر، يستوجب السؤال هل سيتمّ أصلًا وهل سيمكن، إصلاح ما تمّ إعطابه، أم أن القطار قد فات، وهل سيصلح العطَّار ما أعطبه الدهر؟؟؟. لكلّ منّا الجواب.

ويبقى السؤال الأهمّ، وهو هل ما يجري في إسرائيل الرسميّة والشعبيّة والإعلاميّة، هو حدث عابر كان الردّ العاطفيّ وربما الغرائزيّ على ويلات وصدمة السابع من أكتوبر 2023، ستخفّ حدّته بانتهاء الحرب، أم أنه تيّار جارف وخطير كان خافيًا وتحت أرضيّ، كشفته هجمات السابع من أكتوبر ومنحته الشرعيّة السياسيّة والدعم الدينيّ والقبول الجماهيريّ، أم أنه ثورة بمعناها السياسيّ والفكريّ. فإذا كان كذلك، علينا أن نسأل: ثورة على ماذا؟ من سيدفع ثمنها، القادة أم الشعب وخاصّة فئاته الضعيفة والأقلّيات؟ من أجل أيّ قيم جديدة؟ ومن المستفيد من سلّة القيم الجديدة التي تشملها هذه الثورة؟ وباختصار إلى أين المصير؟.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il

panet@panet.co.ilاستعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك