قراءة معمقة في تقرير المحاكم الشرعية: ‘نشر الخصوصية الزوجية على شبكات التواصل تُفاقم الخلافات‘
أصدرت المحاكم الشرعية مؤخرًا تقريرها السنوي حول أعمالها، والذي قدّم قراءة شاملة لحجم القضايا التي تعاملت معها خلال العام المنصرم 2024. وقد أظهر التقرير ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الملفات المقدّمة إلى المحاكم الشرعية،
القاضي عبد الحكيم سمارة يتحدث عن التقرير السنوي للمحاكم الشرعية
ما يعكس زيادة في حجم النزاعات والطلبات ذات الصلة بالأحوال الشخصية. ولعلّ أبرز ما يلفت النظر – ويثير القلق تحديدًا – هو الارتفاع الكبير في عدد ملفات الطلاق، وهو مؤشر اجتماعي يستدعي التوقف عند أسبابه ودلالاته، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والنفسية والاجتماعية التي تمر بها المجتمعات. كما سجل التقرير ارتفاعًا في ملفات الزواج، وملفات الطاعة الزوجية، بالإضافة إلى زيادة في ملفات إعلان الإسلام.
لفهم أبعاد هذه المؤشرات بشكل أعمق، ولمعرفة كيف تتعامل المحاكم الشرعية مع هذا الواقع المتغير، استضافت قناة هلا رئيس محكمة الاستئناف الشرعية، القاضي عبد الحكيم سمارة لمناقشة المعطيات التي تثير القلق، خصوصًا الارتفاع الملحوظ في ملفات الطلاق والطاعة، إلى جانب تحليل أسباب هذه المؤشرات وانعكاساتها على الواقع الأسري والاجتماعي.
• ما أبرز النقاط التي يسلط التقرير السنوي الضوء عليها؟
"هذا تقرير دوري يصدر كل سنة، ويتناول جميع المجالات التي تندرج ضمن اختصاص المحكمة الشرعية والملفات التي تُقدَّم إليها وتُغلق فيها. المحكمة لا تنظر فقط في أمور الزواج والطلاق، بل تشمل اختصاصاتها العديد من القضايا الأخرى مثل النفقات، والحضانة، والنسب، وغيرها. غير أن ما لفت انتباه الناس في تقرير هذا العام هو ارتفاع نسبة الطلاق. وبمراجعة مع سنة 2023، نعم، هناك زيادة، ولكن عند مقارنة النسب مع سنوات سابقة، تبدو النسبة متشابهة نوعًا ما. أنا لا أرى زيادة حقيقية، باستثناء ما يرتبط بزيادة عدد السكان، ومع ذلك فإن معدل الطلاق بنسبة 26% في جميع المحاكم يُعدّ ربع الحالات، وهي نسبة مقلقة جدًا".
• بالمقابل، لوحظ أيضًا ارتفاع في عدد ملفات الزواج، فهل يشير ذلك إلى نمو طبيعي في المجتمع أم إلى عوامل أخرى؟
"نحن نُبارك هذا النمو في حالات الزواج، فهو ظاهرة إيجابية، ولكن ما يقلقنا هو ارتفاع معدلات الطلاق. فالطلاق يُعد دمارًا أسريًا، وإذا وقع، فإن الذرية تُحرم من بيئة أسرية مستقرة، مما قد يؤدي إلى نشوء جيل ناقم وكاره للحياة، وقد يعرضهم ذلك للفقر، والتشرد، والعديد من المشكلات الأخرى. ولعل من أبرز منابع العنف والجريمة في المجتمع هو تفكك الأسرة، ولذلك نولي مسألة "إصلاح ذات البين" اهتمامًا بالغًا، وندعو إلى تعزيز دور لجان الصلح في المجتمع، حتى لا نصل إلى مرحلة تصبح فيها الأسرة – وهي المؤسسة الإنسانية الأساسية في الحياة – غير قائمة".
• الارتفاع في حالات الطلاق: هل تعود أسبابه إلى عوامل اجتماعية واقتصادية محددة من حيث الظاهرة والسجلات؟
"نعم، هناك ارتفاع ملحوظ في نسبة قضايا النفقات الخاصة بالزوجة والأبناء، وقد بلغت مستويات عالية جدًا، مما يدل على وجود أزمة اقتصادية حقيقية. إذ أصبح الإنفاق على الأسرة غير متاح في كثير من الحالات، فتضطر الزوجة إلى التقدم بطلب نفقة لها ولأبنائها. وعندما يكون العامل الاقتصادي هو السبب، فهو بالفعل سبب جوهري ومؤثر. إلى جانب ذلك، هناك العامل الاجتماعي، حيث أصبح الوازع الديني ضعيفًا في نفوس بعض الرجال والنساء، مما جعل المعصية ميسّرة وسهلة الوصول من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. وأصبح كل من الزوج أو الزوجة، عند الشعور بالضيق، يبث مشاعره وحزنه عبر هذه المنصات، مما يؤدي إلى خلق مزيد من المشكلات. فالأسرة تقوم على خصوصية معينة، وكشف هذه الخصوصية عبر العلن يؤدي إلى تفاقم الخلافات وتهديد استقرار الحياة الزوجية".
• هل فئة الشباب هي الأكثر تسجيلًا لحالات الطلاق؟
"نعم، فئة الشباب هي الأكثر تسجيلًا لحالات الطلاق. وتحديدًا، تبرز النسبة الأعلى بين من تم عقد قرانهم دون أن تتم الخلوة الشرعية، وكذلك بين من تزوجوا وتم الدخول بينهم لكن لم يُرزقوا بأبناء بعد. أما الفئة الأقل تسجيلًا للطلاق فهي الفئة التي أصبح لديها أولاد، إذ تزداد لدى الزوجين في هذه الحالة مشاعر المسؤولية، ويحرصان على ترميم العلاقة قدر الإمكان رحمةً بالأبناء. ويُلاحظ أن جيل الشباب يتّسم بالتسرع في اتخاذ القرارات، مما يؤدي إلى تفاقم الخلافات. كما أن تدخل الأهل يُعد من أبرز الأسباب المؤدية إلى هذه المشكلات، وهنا نوجّه نداءً للأهل: دعوا أبناءكم يعيشون حياتهم الزوجية باستقلالية. فهذه التدخلات، وإن كانت نابعة من حرص على الأبناء، إلا أن بعض أنواع الحرص قد تكون مدمّرة. من المهم أن يتعلم الأزواج الشباب كيفية حلّ مشكلاتهم بأنفسهم دون الاعتماد على التدخلات الخارجية".
• ما هي أسباب الطلاق الأكثر شيوعًا كما ترد في ملفات المحاكم؟ وماذا يقول أصحاب الشأن عند رفع دعاوى الطلاق؟
من خلال ما يرد في ملفات المحاكم الشرعية، تُعد أبرز أسباب الطلاق الخلافات حول الإنفاق، وسلوك أحد الزوجين أو كليهما. فقد يكون الزوج عنيفًا، يضرب زوجته، وهو ما لا تستطيع كثير من النساء تحمّله، إذ إن المرأة تملك نفسًا ومشاعر، وإذا أُهينت وجرحت كرامتها، يصعب استمرار الحياة الزوجية بشكل سليم. وغالبًا ما يكون الخلاف بين الزوجين تراكميًّا، تتراكم المشكلات دون حلّ، ثم تنفجر فجأة في وجه الطرفين، لتصل إلى الطلاق. ومن هنا، أرى أن الحل لهذا الواقع يقوم على شقين: شق وقائي توعوي، وشق علاجي. الشق الوقائي والتوعوي: يتمثل في تنظيم دورات تدريبية للمقبلين على الزواج، توضح مفهوم الحياة الزوجية، وتُعدّهم نفسيًا واجتماعيًا لتحمّل المسؤولية. كما أقترح أن تتولى أقسام التربية في البلديات إدخال مادة التربية الأسرية ضمن المنهاج، خصوصًا لطلبة الصف الثاني عشر، لتأهيل الشباب والفتيات وتعريفهم بما يعنيه الزواج من التزام، مسؤولية، وشراكة.
الشق العلاجي: نحتاج إلى إنشاء نوادٍ تربوية وتعليمية تُعنى بشؤون الأسرة، وتشرف عليها طواقم من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، بالإضافة إلى القضاة، لتوعية الأزواج بكيفية التعامل مع الخلافات الزوجية، وطرق حلّها بشكل سليم قبل أن تتفاقم وتصل إلى الطلاق".

من هنا وهناك
-
المهندس إبراهيم حجازي من طمرة يتحدث عن التعليم الفني وتصميم النُصُب والأعمال البيئية ذات الطابع الثقافي
-
رئيس اتحاد أرباب الصناعة: نرحب بالتوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار ويجب العمل على تحقيق استقرار اقتصادي
-
أكثر من 35 ألف مستجم يقضون عطلة نهاية الأسبوع في شواطئ طبريا
-
التجمع: نبارك الاتفاق على المرحلة الأولى من وقف الحرب على غزّة
-
رئيس بلدية الطيبة يلتقي طلاب صفوف العاشر من مدرسة عمال الإخوة الشاملة
-
الحركة العربية للتغيير: ‘نبارك إنهاء حرب الإبادة ونحذّر من خطر تفجير الأوضاع في الضفة الغربية‘
-
في أعقاب وقف إطلاق النار في غزة: نشطاء سلام إسرائيليون يلتقون الرئيس الفلسطيني في رام الله
-
الخبير الاقتصادي محمد بقاعي يتحدث عن كيفية موازنة الأسرة بين الدخل والمصروفات
-
آلاف الزوار في المحميات الطبيعية والحدائق العامة خلال عطلة نهاية الأسبوع
-
دفء مؤقت قبل عودة الخريف: ارتفاع طفيف اليوم وأمطار محتملة بداية الأسبوع





أرسل خبرا