مذاهب الفقهاء في الدعاء في الصلاة بالرغبات الدنيوية
السؤال: سمعت أنه يوجد دعاء مبطل للصلاة؛ لأن فيه كلاما. فهل إذا قلت في السجود أثناء الصلاة: اللهم ارزقني زيارة مكة، أو أقول اللهم إني أجد في صدري ضيقا، فوسع لي صدري. هل هذا يبطل الصلاة؟

صورة للتوضيح فقط - تصوير: iStock-AegeanBlue
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا تبطل صلاتك بالدعاء المذكور، ولعل السائل يعني بالدعاء الذي سمع أنه تبطل به الصلاة ما ذهب إليه بعض الفقهاء من أنه لا يجوز للمصلي أن يدعو في صلاته بشيء من ملاذ الدنيا، وشهواتها، وأن صلاته تبطل لو دعا بذلك، كما هو قول الحنابلة.
قال صاحب الروض المربع: وليس له الدعاء بشيء مما يقصد به ملاذ الدنيا، وشهواتها؛ كقوله: اللهم ارزقني جارية حسناء، أو طعاما طيبا، وما أشبهه. وتبطل به. اهــ.
وقال ابن قدامة في المغني: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْعُوَ فِي صَلَاتِهِ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ مَلَاذُّ الدُّنْيَا، وَشَهَوَاتُهَا، بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ وَأَمَانِيَّهُمْ، مِثْلُ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ، وَدَارًا قَوْرَاءَ، وَطَعَامًا طَيِّبًا، وَبُسْتَانًا أَنِيقًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَدْعُو بِمَا أَحَبَّ؛ لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي التَّشَهُّدِ: "ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِمُسْلِمٍ: "ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِن الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ أَوْ مَا أَحَبَّ". اهــ.
وقد رجحنا في الفتوى: 144923. خلافه، وأن للمصلي أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة.
جاء في المدونة: وللمصلي أن يدعو بجميع حوائجه لدنياه وأخراه، وبلغني عن عروة قال: إني أدعو الله في حوائجي كلها في الصلاة حتى في الملح. انتهى.
وفي أسنى المطالب شرح روض الطالب في الفقه الشافعي: وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عليه وَعَلَى آلِهِ في التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بِمَا شَاءَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا نحو: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ. لِخَبَرِ إذَا قَعَدَ أحدكم في الصَّلَاةِ فَلْيَقْرَأْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهَا ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ من الْمَسْأَلَةِ ما شَاءَ أو أَحَبَّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ: ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ من الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُوَ بِهِ. والدعاء بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ أَفْضَلُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ وَالدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ -بِالْمُثَلَّثَةِ- أَيْ الْمَنْقُولُ عن النبي -صلى اللهُ عليه وسلم أَفْضَلُ من غَيْرِهِ. انتهى.
والله أعلم.
من هنا وهناك
-
أحكام الوصية لأحد الأولاد، وهبة شيء من الأملاك لبعضهم دون بعض
-
تقيؤ الرضيع اللبن لا يمنع التحريم، والمعتبر في الرضعة المشبعة
-
حكم قبول الموظف الهبة إذا كانت تعويضا عن ضرر أصابه
-
حكم من ضمن لفظ الطلاق في كلامه ولم ينوِ إيقاعه
-
المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية يصدر فتوى حول حكم رفع إيجارات العقارات أضعافًا مضاعفة في ظل حاجة الناس إليها
-
حكم قبول الموظف الهبة إذا كانت تعويضا عن ضرر أصابه
-
المرجع في تحديد قيمة البيت الذي يُراد شراؤه وسداد ثمنه
-
حكم الغرامة على عمليات الشراء المرفوضة بسبب عدم توفر رصيد في البطاقة
-
أحكام شراء منزل كان يطلق عليه قديما (بيت الوقف) وكيفية التصرف فيه
-
تفنيد قول من يقول: إن الدعاء مستجاب عند قبور الأنبياء والصالحين





أرسل خبرا