حتى داخل البيوت. للحديث عن موقف البلدية، التحديات أمامها، وخطة العمل المطلوبة للحد من هذا العنف المتفشي، استضافت قناة هلا نائب رئيس بلدية رهط يوسف أبو جعفر، وسألته: ما الذي يحدث في المدينة؟ وما الذي يُمكن فعله قبل أن يفقد الناس ثقتهم بالأمان تمامًا ؟
"مدينة رهط تعاني"
يقول يوسف أبو جعفر لموقع بانيت وقناة هلا: "رهط جزء من المجتمع العربي، وما يمر به هذا المجتمع، بشكل أو بآخر، يصل إلى النقب بصورة مختلفة، قد تكون عائلية أو قبلية، لكنها تحمل في داخلها كل المصائب والألم، من قضايا إطلاق النار والعنف، التي أصبحت جزءًا من حياتنا. ونحن نرجو أن نصحو يومًا دون أن نسمع عن حادثة إطلاق نار هنا أو هناك." وأضاف: "مدينة رهط تعاني، وقيادتها قلقة جدًا من هذه الأحداث التي تقض مضجع كل إنسان واعٍ في المجتمع العربي. أعتقد أن ما يحدث الآن هو ظاهرة بدأت تتغلغل في مجتمعنا العربي، حيث أصبحت الحلول بين الأفراد، وتنتقل من الحوار والتفاوض إلى أخذ الحق باليد. ومع انتشار الأسلحة وغياب الشرطة والمنظومات التي كانت تمنع هذه الأحداث سابقًا، وغياب سلطة العائلة والقبيلة، أصبح القانون يُعطي الفرد شعورًا بأنه يملك الحق في الرد والتعامل مع قضايا العنف بشكل مباشر، دون الرجوع إلى المنظومات المجتمعية والقانونية. ولهذا، أصبح مستوى العنف فرديًا، وليس فقط بين مجموعات."
وأوضح ابو جعفر "أن البلدية لديها موارد كثيرة وتعمل من خلالها، لكنها موارد بلا "أسنان". هي تقتصر على الوعظ والإرشاد، والاستعانة بالجهات القبلية لوضع حد للخلافات. لكن سرعة انتقال الخلاف من الكلام إلى إطلاق النار ألغت فعليًا هذه المنظومة."
"الصراعات الصغيرة في مجتمعنا تتطور بسرعة كبيرة وتصل إلى أماكن لا تُحمد عقباها"
وحول دور الأهالي فيما يجري، قال ابو جعفر: "في كثير من الأحيان نُلقي باللوم على العائلات، ولكن في ظل غياب النظام المركزي، نجد أن العائلة المحترمة التي لا مشاكل لديها، قد تتعرض لتعديات من قبل جهات خارجة عن القانون دون أن تحرك الحكومة ساكنًا. وفي غياب الحكم والسلطة المركزية القادرة على اعتقال المشتبهين، تُضطر العائلة للدفاع عن نفسها، ما يؤدي إلى تفاقم العنف."
وأضاف: "الصراعات الصغيرة في مجتمعنا تتطور بسرعة كبيرة وتصل إلى أماكن لا تُحمد عقباها. هناك خلافات شخصية بين شخصين، لكنها لا تتوقف هناك، بل تتدخل مجموعات تستخدم أساليب دخيلة على مجتمعنا النقباوي، مثل فرض 'الخاوة' أو إطلاق النار ليلًا ونهارًا." وتابع: "نحن كسلطة محلية نقف بين نارين؛ من جهة، نريد الحديث عن العنف ومحاولة منعه، ومن جهة أخرى، الحديث عنه قد يثير الخوف لدى الأهالي. نحن بين نيران كثيرة، ولا نستطيع إطفاءها وحدنا."
"من الممكن أن تتعرض لإطلاق نار دون أن تعرف من الفاعل"
واشار ابو جعفر الى "أن رهط تضم مجموعة كبيرة وطيبة من رجال الصلح، لكن القضية ليست دائمًا في كيفية التصرف، بل في سرعة الأحداث التي تسبق تدخل رجال الصلح. في الماضي، كان من المعروف من يُحارب ومن يُخاصم، أما اليوم فهناك ضبابية. من الممكن أن تتعرض لإطلاق نار دون أن تعرف من الفاعل. ايضا دور البلدية موجود، وكذلك اللجان الشعبية، لكن تبيّن لنا الآن أن تورط الحكومة ومؤسساتها ادى في النهاية الى تقاعس كبير بهذه القضية".
"أهم عنصر، في تقديري، هو عدم اليأس"
واختتم قائلا: "أهم عنصر، في تقديري، هو عدم اليأس. يجب أن نعمل بجد وجهد، ولا نيأس. لأننا إذا يأسنا، سندخل إلى مستنقع خطير، وسنصل إلى كارثة."

